(مر1،44) : فقال له : " إيَاك أن تخبر أحداً بشيء، بل اذهب إلى الكاهن فأره نفسك ، ثمَ قرَب عن برئك ما أمر به موسى شهادةً  لديهم ".

إنّ زمن الصوم يدلّ على رسالة يسوع المعلنة عن بشرى الملكوت ، شفاء كل مرض في الشعب ، ثمّ تهيئة رسله لآلامه ، موته و قيامته.   

إن قدرة الله الكليَة الحكمة تشمل و تضبط  كل أبعاد الكون والإنسان . إنَها تسبق القوانين و الشريعة ، تكمَلها و تتخطّاه. نرى الرجل الأبرص المنبوذ من مجتمعه يعود إليه بعد أن تمّم  بعض الفرائض الدينية في التطهير عند الكاهن . (عد19، 18-20 ). و ذلك بأمرمن يسوع بكلمة ولمسة منه بعد توسّلٍ من ذاك المريض. إن الرب له الغلبة على كلّ قوى الشرّ والشياطين التي تعمل على فصل الإنسان عن الله وعن الآخر . وهذا ليوضع الإنسان بعيداً عن الخالق في حالة موت و عدم رجاء .

هناك إذاً حربٌ يقودها الرب بحنكة  ضد ابليس حتى النهاية . إنّه بالتمام يريد أن يشفي الإنسان من خوفه من الموت، كما ليزيل الشكّ بقيامة الأموات . فبعد التجلّي على الجبل أوصى التلاميذ بالصمت عن الحدث إلّا بعد القيامة ( مر 9،9 -10 ) . الخوف الحقيقي ليس بإهلاك الجسد وحده بل مع النفس أيضاً في جهنّم (مت 10، 28 ). فبرص النفس يتآكل الإنسان بالخطيئة  و عدم التوبة . كما جاء في اشعيا أن الشعب لم يرد ان يبصر ولا يسمع  ولا يفهم في قلبه ليرجع والله يشفيه (مت 13 ،15 ) . لكن صلاة داود تعبّر عن التطهّرالداخلي  وطلب الغفران    (مز 51 ، 9) . الإغتسال الحقيقي هو في إزالة شرّ أعمال الإنسان ، تعلّم الإحسان و التماس الحقّ ومهما كانت خطاياه فالله يغفرها  طالباً منه  سماع كلامه ( أش 1 ، 16 – 20 ) .   

الله يختار شعبه من بين الأمم ، يجمعه و يرشّ عليه ماءً طاهراً ليزيل خطاياه و ليعطيه قلباً و روحاً جديداً و ليعلَمه السير على فرائضه ( حز36، 23 – 27 ) . إذا كانت فريضة موسى للتطهير من  البرص تستعمل دم التيوس فما أولى دم المسيح المقرّب نفسه إلى الله بروح ازليّ قرباناً لا عيب فيه يطهّر ضمائرنا من الأعمال الميتة  لنعبد الله الحيّ ! ( عب 9- 13-14 ).  إذاً إن المسيح بدمه الكريم ، دم الحمل الذي لا عيب فيه قد فدانا من سيرتنا الباطلة الماضية  وبفضله نؤمن بالله الذي اقامه من بين الأموات و أعطاه المجد ليكون إيماننا ورجاؤنا في الله ( 1بط1 ، 18-21 ) . فمن منّا لا يعاني من مرض ما جسدي ، نفسي و روحي  يشوّه كيانه ليجعله يطلب الشفاء والخلاص؟!

إنّ المسيح يخرج للقاء البشرية الفقيرة ، المتأّلّمة لكي يعلن لها البشرى السّارة ، ليطرد الشياطين و ليبرىء المرضى من أي علّة اصابتهم  وليهب الحياة الابدية ،  له المجد الى الأبد  آمين .